BM Logo Black And Gold

زائرنا العزيز

قد نستخدم ملفات تعريف الإرتباط هذه لتلبية متطلبات الأمان الأساسية ولضمان عمل الموقع بشكل صحيح. تُستخدم ملفات تعريف الارتباط هذه أيضًا لحفظ التفضيلات لمساعدتنا على تزويدك بتجربة مستخدم أفضل وتقديم إشعارات بالبريد الإلكتروني.

السيرة الذاتية

نبذة عن حياة طلعت حرب باشا

ولد طلعت حرب باشا في 25 نوفمبر 1867 بمنطقة قصر الشوق في حي الجمالية وفي رحاب مسجد الحسين، وكان والده موظفًا بمصلحة السكك الحديدية، وينتمي إلى عائلة حرب (أصولها حجازية) بناحية ميت أبو علي من قرى منيا القمح (وتتبع حاليًا الزقازيق) بمحافظة الشرقية، كما كانت والدته تنتسب إلى عائلة صقر لقرية تابعة لمنيا القمح أيضًا.

حفظ طلعت حرب القرآن في طفولته ثم التحق بمدرسة التوفيقية الثانوية بالقاهرة. والتحق بعد ذلك بمدرسة الحقوق الخديوية في أغسطس 1885 وحصل على شهادة مدرسة الحقوق في 1889 وكان من أوائل الخريجين.

 اهتم بدراسة الأمور الاقتصادية، وكذلك الاطلاع على العديد من الكتب في مختلف مجالات المعرفة والعلوم وقام بدراسة اللغة الفرنسية حتى أجادها إجادة تامة.

بدأ طلعت حرب باشا حياته العملية مترجمًا بالقسم القضائي "بالدائرة السنية" ـ وهي الجهة التي كانت تدير الأملاك الخديوية الخاصة، فمديرًا لقلم القضايا ثم مديرًا لمكتب فض المنازعات خلفًا لمحمد فريد.

 كانت كفاءة طلعت حرب باشا في إدارة المشروعات سببًا في استعانة بعض الأعيان به، ومن أبرزهم عمر سلطان باشا فتعرف على الدكتور فؤاد سلطان الذى أصبح فيما بعد أحد مؤسسي بنك مصر . ساهمت تلك الأعمال في إكسابه خبرة واسعة في الأمور الإدارية والتجارية، كما تمتع بشهرة جيدة وتم اعتباره واحدًا من أبرز الكوادر الإدارية في تلك الفترة.

في عام 1905 حصل طلعت حرب باشا على لقب البكوية، وانتقل ليعمل مديرًا لشركة كوم أمبو بمركزها الرئيسي بالقاهرة التي كانت تعمل في مجال استصلاح وبيع الأراضي واستقال منها عام 1909، كما أسندت له في الوقت نفسه إدارة الشركة العقارية المصرية التي عمل على توطينها حتى أصبحت غالبية أسهمها في يد المصريين.

 

دوره الاقتصادي

بدأ طلعت حرب باشا دعوته من أجل إنشاء نظام مالي مصري خالص لخدمة أبناء الوطن وللتحرر من القيود الاستعمارية الاقتصادية عام 1906، وقد لاقت دعوته استجابة واسعة، واستطاع طلعت حرب باشا في عام 1908 تأسيس شركة التعاون المالي برأس مال مصري، وذلك بهدف تقديم العديد من القروض المالية للشركات الصغيرة المتعسرة ماديًا .

وفي عام 1913 قدّم طلعت حرب باشا رؤيته الفكرية واجتهاداته النظرية حول كيفية إحداث ثورة ثقافية واقتصادية في مصر، وذلك من خلال كتابه الشهير "علاج مصر الاقتصادي وإنشاء بنك للمصريين"، كان طلعت حرب ميالاً (بشكل واعٍ) للفلاحين والفقراء، حيث كان يضطر معظمهم للاستدانة بشكل ربوي مجحف من بعض المرابين، وساهم في الدفاع عنهم عند تصفية الدائرة السنية وسعى إلى بيع الأراضي للفلاحين الذين يزرعونها. كانت أسعار القطن عالمياً قد شهدت زيادة، لكنها لم تصب في صالح المزارع المصري البسيط، كذلك لم يكن هناك نظام مالي يدعمهم وتسببت ظروف الاستعمار وقتها في استنزاف موارد الاقتصاد المصري لمصلحة البنوك الأجنبية فقط .

 

المشاريع الأخرى

بعد عامين فقط من إنشاء بنك مصر ،قام طلعت حرب باشا عام 1922م بإنشاء أول مطبعة مصرية برأس مال قدره خمسة آلاف جنيه وذلك ليدعم الفكر والأدب ويقوي المقاومة الوطنية، ووصل رأس مال المطبعة بعد فترة لأكثر من 50 ألف جنيه.

بعد إنشاء المطبعة، توالت الشركات المصرية التي أنشأها البنك، مثل شركة مصر للنقل والملاحة - شركة مصر الملاحة البحرية، ثم شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى واستقدم طلعت حرب باشا خبراء هذه الصناعة من بلجيكا، وأرسل بعثات العمال والفنيين للتدريب في الخارج. كما أقام مصنعًا لحلج القطن في مغاغة، وأنشأ البنك مخازن (شون) لجمع القطن في كل محافظات مصر.

ساهم أيضًا في إنشاء شركة مصر للتمثيل والسينما، وشركة مصر للنقل والملاحة - شركة مصر الملاحة البحرية، ومصر لأعمال الأسمنت المسلح، مصر لتصنيع وتجارة الزيوت، ومصر لصباغي البيضا، ومصر للمناجم والمحاجر، ومصر للمستحضرات الطبية، ومصر للتأمين .

سعى طلعت حرب باشا لإنشاء شركة مصرية للطيران إلى أن صدر في 27 مايو 1932 مرسوم ملكي بإنشاء شركة مصر للطيران كأول شركة طيران في الشرق الأوسط برأس مال 20 ألف جنيه، وبعد عشرة أشهر زاد رأس المال إلى 75 ألف جنيه، وقد بدأت الشركة بطائرتين من طراز "دراجون موت" ذات المحركين تسع كل منهما لثمانية ركاب، وكان أول خط من القاهرة إلى الإسكندرية ثم مرسى مطروح، وكان الخط الثاني من القاهرة إلى أسوان. في عام 1934 بدأ أول خط خارجي للشركة من القاهرة إلى القدس.

ساهمت هذه المشاريع الوطنية في إذكاء الروح الوطنية ، حيث شجعت الكثيرين على فكرة الادخار لدى البنك، وزادت ودائع البنك مقارنة بكل البنوك الأجنبية العاملة في مصر، مما أنهى مقولة الاستعمار والتي كانت تردد في ذلك الوقت "المصري لا يعرف إلا الاستدانة"، حيث استطاع بنك مصر تحفيز الادخار لدى كل المصريين حتى الأطفال بعد أن وزع البنك حصالات على تلاميذ المدارس الابتدائية ثم يأخذ ما فيها ويفتح للأطفال دفاتر توفير بالبنك.

كذلك شجعت المشاريع المواطنين للإقبال على شراء منتجات هذه الشركات كبديل عن البضائع الأجنبية، كما أسس بعض المفكرين جماعة "المصري للمصري" وعملت على تشجيع المواطنين والتجار والمصانع للتعامل مع الشركات المصرية، وساهم النقراشي باشا رئيس الوزراء في إنشاء معرض صغير للمنتجات في النادي السعدي، وكان هذا السبب في إنشاء شركة بيع المصنوعات المصرية في عام 1932 لعرض منتجات شركات بنك مصر، وتم افتتاح العديد من الفروع لها في أنحاء البلاد، كما انتشرت فروع بنك مصر فى الداخل، وافتتح طلعت حرب باشا فروعًا للبنك فى الخارج، مثل بنك مصر فرنسا وبنك مصر سوريا لبنان .

 

استقالته

على الرغم من النجاح الذي حققه بنك مصر والإنجازات الاقتصادية التي قام بها، إلا أن الأزمات المفتعلة من قبل سلطات الاحتلال الإنجليزي وبوادر بدء الحرب العالمية الثانية أدت إلى حالة من الكساد الاقتصادي ودفعت المخاوف الكثيرين لسحب ودائعهم لدى بنك مصر مما تسبب في أزمة سيولة، ومما زاد الأزمة سحب صندوق توفير البريد لكل ودائعه من البنك، وعندما ذهب طلعت حرب باشا إلى وزير المالية حينذاك حسين سري باشا لحل هذه المشكلة، وطلب منه إما أن تصدر الحكومة بيانًا بضمان ودائع العملاء لدى البنك، أو أن تأمر بوقف سحب ودائع صندوق توفير البريد، إلا أن حسين سري رفض ذلك، واقترح الوزير حلًا لهذه الأزمة لكنه اشترط تقديم طلعت حرب لاستقالته، فقبل على الفور هذا الشرط من أجل إنقاذ البنك، وقال كلمته المشهورة: مادام في تَركي حياة للبنك فلأذهب أنا وليعيش البنك.

 

وفاته

عقب استقالته من إدارة بنك مصر، انتقل طلعت حرب باشا للعيش في قرية العنانية، في مركز فارسكور بدمياط، حيث عاش بعيدًا عن الأضواء وكان يقول دائمًا مت ولم أدفن، وتوفي في الثالث عشر من أغسطس عام 1941 عن عمر يناهز 74 عامًا بالقاهرة ، و أُقيمت جنازته من منزله الموجود في شارع الملكة نازلى (العباسية) مرورًا بجامع القبة الفداوية حتى وورى الثرى بمدفنه الذي أعده على غرار طراز بنك مصر الرئيسي بمنطقة الغفير.